فصل: الآية (‏72‏)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 - الآية ‏(‏72‏)‏ 0

- أخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‏:‏ لما أوحى الله إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد فتنتقم له منهم، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب، فقال الخزان‏:‏ رب لن نطيقها ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها، فأوحى الله إليها‏:‏ أن ارجعي‏.‏ فرجعت فخرجت على قدر خرق الخاتم وهي الحلقة، فأوحى الله إلى هود‏:‏ أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة، فاعتزلوا وخط عليهم خطا، وأقبلت الريح فكانت لا تدخل حظيرة هود ولا تجاوز الخط، إنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذ به أنفسهم وتلين عليه الجلود، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة، وأوحى الله إلى الحيات والعقارب‏:‏ أن تأخذ عليهم الطرق فلم تدع عاديا يجاوزهم‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن وهب قال‏:‏ لما أرسل الله الريح على عاد اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذه الأنفس، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض وتدمغه بالحجارة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ‏{‏وقطعنا دابر الذين كذبوا‏}‏ قال‏:‏ استأصلناهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن هزين بن حمزة قال‏:‏ سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يريه رجلا من قوم عاد، فكشف الله له عن الغطاء، فإذا رأسه بالمدينة ورجلاه بذي الحليفة، أربعة أميال طوله‏.‏

وأخرج ابن عساكر من طريق سالم بن أبي الجعد عن عبد الله قال‏:‏ ذكر الأنبياء عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ذكر هود قال ‏"‏ذاك خليل الله‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي عسفان فقال ‏"‏لقد مر به هود وصالح على بكرات حمر خطمهن الليف، ازرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون ويحجون البيت العتيق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن ابن سابط قال‏:‏ بين المقام والركن وزمزم قبر تسعة وسبعون نبيا، وإن قبر نوح وهود وشعيب وصالح واسمعيل في تلك البقعة‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة قال‏:‏ ما يعلم قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة‏.‏ قبر إسمعيل فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود فإنه في حقف تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة وموضعه أشد الأرض حرا، وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذه قبورهم حق‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر، عند رأسه سدرة‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن عثمان بن أبي العاتكة قال‏:‏ قبلة مسجد دمشق قبر هود عليه السلام‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال‏:‏ كان عمر هود أربعمائة واثنتين وسبعين سنة‏.‏

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال‏:‏ عجائب الدنيا أربعة‏.‏ مرآة كانت معلقة بمنارة الإسكندرية، فكان يجلس الجالس تحتها فيبصر من بالقسطنطينية وبينهما عرض البحر، وفرس كان من نحاس بأرض الأندلس قائلا بكفه كذا باسطا يده أي ليس خلفي مسلك فلا يطأ تلك البلاد أحد إلا أكلته النمل، ومنارة من نحاس عليها راكب من نحاس بأرض عاد، فإذا كانت الأشهر الحرم هطل منه الماء فشرب الناس وسقوا وصبوا في الحياض، فإذا انقطعت الأشهر الحرم انقطع ذلك الماء، وشجرة من نحاس عليها سودانية من نحاس بأرض رومية، إذا كان أوان الزيتون صفرت السودانية التي من نحاس فتجيء كل سودانية من الطيارات بثلاث زيتونات، زيتونتين برجليها، وزيتونة بمنقارها، حتى تلقيه على تلك السودانية النحاس، فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لأدامهم وسرجهم شتويتهم إلى قابل‏.‏

-  الآية ‏(‏73 - 79‏)‏‏.‏

- أخرج أبو الشيخ عن مطلب بن زيادة قال‏:‏ سألت عبد الله بن أبي ليلى عن اليهودي والنصراني يقال له أخ‏؟‏ قال‏:‏ الأخ في الدار، ألا ترى إلى قول الله ‏{‏وإلى ثمود أخاهم صالحا‏}‏ 0

وأخرج سنيد وابن جرير والحاكم من طريق حجاج عن أبي بكر بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن عمرو بن خارجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏كانت ثمود قوم صالح، أعمرهم الله في الدنيا فأطال أعمارهم حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر فينهدم والرجل منهم حي، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فنحتوها وجابوها وخرقوها، وكانوا في سعة من معايشهم فقالوا‏:‏ يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا آية نعلم أنك رسول الله‏.‏ فدعا صالح ربه فأخرج لهم الناقة، فكان شربها يوما وشربهم يوما معلوما، فإذا كان يوم شربها خلوا عنها وعن الماء وحلبوها لبنا ملأوا كل إناء ووعاء وسقاء، حتى إذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء فلم تشرب منه شيئا فملأوا كل إناء ووعاء وسقاء‏.‏ فأوحى الله إلى صالح‏:‏ إن قومك سيعقرون ناقتك‏.‏ فقال لهم‏.‏ فقالوا‏:‏ ما كنا لنفعل‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فقال لهم‏:‏ إن لا تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها‏.‏ قالوا‏:‏ فما علامة ذلك المولود، فوالله لا نجده إلا قتلناه قال‏:‏ فإنه غلام أشقر أزرق أصهب أحمر‏.‏ وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لأحدهما ابن يرغب به عن المناكح، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤا، فجمع بينهما مجلس فقال أحدهما لصاحبه ما يمنعك أن تزوج ابنك‏؟‏ قال‏:‏ لا أجد له كفؤا، قال‏:‏ فإن ابنتي كفء له فأنا أزوجك‏.‏ فزوجه، فولد بينهما مولود‏.‏ وكان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فلما قال لهم صالح‏:‏ إنما يعقرها مولود فيكم‏.‏ اختاروا ثماني نسوة قوابل من القرية، وجعلوا معهن شرطا كانوا يطوفون في القرية فإذا نظروا المرأة تمخض نظروا ما ولدها‏؟‏ إن كان غلاما قلبنه فنظرن ما هو‏؟‏ وإن كانت جارية أعرضن عنها‏.‏ فلما وجدوا ذلك المولود صرخت النسوة‏:‏ هذا الذي يريد صالح رسول الله، فأراد الشرط أن يأخذوه فحال جداه بينهم وقالوا‏:‏ لو أن صالحا أراد هذا قتلناه، فكان شر مولود وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشب في الجمعة شباب غيره في الشهر، ويشب في الشهر شباب غيره في السنة، فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وفيهم الشيخان، فقالوا‏:‏ استعمل علينا هذا الغلام لمنزلته وشرف جديه فكانوا تسعة، وكان صالحا لا ينام معهم في القرية، كان يبيت في مسجده، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم، وإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه‏.‏

قال حجاج، وقال ابن جريج‏:‏ لما قال لهم صالح‏:‏ أنه سيولد غلام يكون هلاككم على يديه قالوا‏:‏ فكيف تأمرنا‏؟‏ قال‏:‏ آمركم بقتلهم‏:‏ فقتلوهم إلا واحدا قال‏:‏ فلما بلغ ذلك المولود قالوا‏:‏ لو كنا لم نقتل أولادنا لكان لكل رجل منا مثل هذا، هذا عمل صالح، فأتمروا بينهم بقتله وقالوا‏:‏ نخرج مسافرين والناس يروننا علانية، ثم نرجع من ليلة كذا من شهر كذا وكذا فنرصده عند مصلاه فنقتله فلا يحسب الناس إلا أنا مسافرون كما نحن، فأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصدونه، فأرسل الله عليهم الصخرة فرضختهم فأصبحوا رضخا، فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ، فرجعوا يصيحون في القرية‏:‏ أي عباد الله أما رضي صالح أن أمرهم أن يقتلوا أولادهم حتى قتلهم‏؟‏‏!‏ فاجتمع أهل القرية على قتل الناقة أجمعين، وأحجموا عنها إلا ذلك ابن العاشر‏.‏ ثم رجع الحديث إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ وأرادوا أن يمكروا بصالح، فمشوا حتى أتوا على شرب طريق صالح فاختبأ فيه ثمانية، وقالوا‏:‏ إذا خرج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيتناهم، فأمر الله الأرض فاستوت عليهم، فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة وهي على حوضها قائمة، فقال الشقي لأحدهم، ائتها فاعقرها‏.‏ فأتاها فتعاظمه ذلك فأضرب عن ذلك، فبعث آخر فأعظمه ذلك، فجعل لا يبعث رجلا إلا تعاظمه أمرها حتى مشى إليها وتطاول فضرب عرقوبيها فوقعت تركض، فرأى رجل منهم صالحا فقال‏:‏ أدرك الناقة فقد عقرت‏.‏ فأقبل وخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه يا نبي الله إنما عقرها فلان إنه لا ذنب لنا‏.‏ قال‏:‏ فانظروا هل تدركون فصيلها‏؟‏ فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب‏.‏

فخرجوا يطلبونه، فلما رأى الفصيل أمه تضطرب أتى جبلا يقال له القارة قصير، فصعد وذهبوا ليأخذوه، فأوحى الله إلى الجبل، فطال في السماء حتى ما تناله الطير، ودخل صالح القرية فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه، ثم استقبل صالحا فرغا رغوة، ثم رغا أخرى، ثم رغا أخرى فقال صالح لقومه‏:‏ لكل رغوة أجل فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب، ألا إن آية العذاب أن اليوم الأول تصبح وجوهكم مصفرة، واليوم الثاني محمرة، واليوم الثالث مسودة، فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنها قد طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يوم من الأجل وحضركم العذاب، فلما أصبحوا اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة كأنها خضبت بالدماء، فصاحوا وضجوا وبكوا وعرفوا أنه العذاب، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب، فلما أصبحوا اليوم الثالث فإذا وجوههم مسودة كأنها طليت بالقار، فصاحوا جميعا ألا قد حضركم العذاب فتكفنوا وتحنطوا‏.‏ وكان حنوطهم الصبر والمغر وكانت أكفانهم الانطاع، ثم ألقوا أنفسهم بالأرض فجعلوا يقلبون أبصارهم فينظرون إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة فلا يدرون من أين يأتيهم العذاب، من فوقهم من السماء أم من تحت أرجلهم من الأرض خسفا أو قذفا، فلما أصبحوا اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء له صوت في الأرض، فتقطعت قلوبهم في صدورهم، فأصبحوا في ديارهم جاثمين‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي طفيل قال‏:‏ قال ثمود لصالح‏:‏ ائتنا بآية إن كنت من الصادقين‏.‏ قال‏:‏ اخرجوا، فخرجوا إلى هضبة من الأرض فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل، ثم إنها انفرجت فخرجت الناقة من وسطها، فقال لهم صالح ‏{‏هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم‏}‏ فلما ملوها عقروها ‏{‏فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب‏}‏ ‏(‏هود الآية 65‏)‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة‏.‏ أن صالحا قال لهم حين عقروا الناقة‏:‏ تمتعوا ثلاثة أيام، ثم قال لهم‏:‏ آية عذابكم أن تصبح وجوهكم غدا مصفرة، وتصبح اليوم الثاني محمرة، ثم تصبح الثالث مسودة‏.‏ فأصبحت كذلك‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فلما كان اليوم الثالث أيقنوا بالهلاك، فتكفنوا وتحنطوا، ثم أخذتهم الصيحة فأهمدتهم‏.‏ وقال عاقر الناقة‏:‏ لا أقتلها حتى ترضوا أجمعين‏.‏ فجعلوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون‏:‏ ترضين‏؟‏ فتقول‏:‏ نعم والصبي، حتى رضوا أجمعين فعقروها‏.‏

وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن جابر بن عبد الله ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر قام فخطب الناس فقال‏:‏ يا أيها الناس لا تسألوا نبيكم عن الآيات، فإن قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث إليهم آية فبعث الله إليهم الناقة، فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها، ويحتلبون من لبنها مثل الذي كانوا يأخذون من مائها يوم غبها وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فوعدهم الله العذاب بعد ثلاثة أيام، وكان وعدا من الله غير مكذوب، ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من كان منهم تحت مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا كان في حرم الله، فمنعه حرم الله من عذاب الله‏.‏ فقيل‏:‏ يا رسول الله من هو‏؟‏ قال‏:‏ أبو رغال‏.‏ فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه من حديث أبي الطفيل مرفوعا‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج أحمد وابن المنذر عن أبي كبشة الأنماري قال‏:‏ لما كان في غزوة تبوك تسارع قوم إلى أهل الحجر يدخلون عليهم، فنودي في الناس، أن الصلاة جامعة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ‏"‏علام يدخلون على قوم غضب الله عليهم‏؟‏ فقال رجل‏:‏ نعجب منهم يا رسول الله‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألا أنبئكم بأعجب من ذلك، رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم، استقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي الله بقوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة‏.‏ أن ثمود لما عقروا الناقة تغامزوا وقالوا‏:‏ عليكم الفصيل‏.‏ فصعد الفصيل القارة جبلا حتى إذا كان يوما استقبل القبلة وقال‏:‏ يا رب أمي، يا رب أمي، يا رب أمي، فأرسلت عليهم الصيحة عند ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي الهذيل قال‏:‏ لما عقرت الناقة صعد بكرها فوق جبل فرغا، فما سمعه شيء إلا همد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال‏:‏ لما قتل قوم صالح الناقة قال لهم صالح‏:‏ إن العذاب آتيكم‏.‏ قالوا له‏:‏ وما علامة ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أن تصبح وجوهكم أول يوم محمرة، وفي اليوم الثاني مصفرة، وفي اليوم الثالث مسودة‏.‏ فلما أصبحوا أول يوم احمرت وجوههم، فلما كان اليوم الثاني اصفرت وجوههم، فلما كان اليوم الثالث أصبحت وجوههم مسودة، فأيقنوا بالعذاب فتحنطوا وتكفنوا وأقاموا في بيوتهم، فصاح بهم جبريل صيحة فذهبت أرواحهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال‏:‏ إن الله بعث صالحا إلى ثمود فدعاهم فكذبوه، فسألوا أن يأتيهم بآية، فجاءهم بالناقة لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، فأقروا بها جميعا فكانت الناقة لها شرب فيوم تشرب فيه الماء نهر بين جبلين فيزحمانه ففيها أثرها حتى الساعة، ثم تأتي فتقف لهم حتى يحتلبوا اللبن قترويهم ويوم يشربون الماء لا تأتيهم، وكان معها فصيل لها فقال لهم صالح‏:‏ إنه يولد في شهركم هذا مولود يكون هلا ككم على يديه، فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم، ثم ولد للعاشر ابن فأبى أن يذبح ابنه، وكان لم يولد له قبله شيء، وكان أبو العاشر أحمر أزرق، فنبت نباتا سريعا‏.‏ فإذا مر بالتسعة فرأوه قالوا‏:‏ لو كان أبناؤنا أحياء كانوا مثل هذا‏:‏ فغضب التسعة على صالح‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏ولا تمسوها بسوء‏}‏ قال‏:‏ لا تعقروها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏وتنحتون الجبال بيوتا‏}‏ قال‏:‏ كانوا ينقبونفي الجبال البيوت‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏{‏وعتوا عن أمر ربهم‏}‏ قال‏:‏ غلوا في الباطل‏.‏ وفي قوله ‏{‏فأخذتهم الرجفة‏}‏ قال‏:‏ الصيحة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ‏{‏فأصبحوا في دارهم‏}‏ يعني العسكر كله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله ‏{‏فأصبحوا في دارهم جاثمين‏}‏ قال‏:‏ ميتين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ‏{‏فأصبحوا في دارهم جاثمين‏}‏ قال‏:‏ ميتين‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن الحسن قال‏:‏ لما عقرت ثمود الناقة ذهب فصيلها حتى صعد تلا فقال‏:‏ يا رب أين أمي رغا رغوة فنزلت الصيحة فأهدتهم‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن عمار قال‏:‏ إن قوم صالح سألوا الناقة فأتوها فعقروها، وإن بني إسرائيل سألوا المائدة فنزلت فكفروا بها، وإن فتنتكم في الدينار والدرهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال‏:‏ إن صالحا لما نجا هو والذين معه قال‏:‏ يا قوم إن هذه دار قد سخط الله عليها وعلى أهلها فأظعنوا والحقوا بحرم الله وأمنه، فأهلوا من ساعتهم بالحج، وانطلقوا حتى وردوا مكة، فلم يزالوا حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة‏.‏

-  الآية ‏(‏80 - 84‏)‏‏.‏

- أخرج ابن عساكر عن سليمان بن صرد قال‏:‏ أبو لوط هو عم إبراهيم‏.‏

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ أرسل لوط إلى المؤتفكات، وكانت قرى لوط أربع مدائن‏.‏ سدوم، وأمورا، وعامورا، وصبوير‏.‏ وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل، وكانت أعظم مدائنهم سدوم، وكان لوط يسكنها، وهي من بلاد الشام ومن فلسطين مسيرة وليلة، وكان إبراهيم خليل الرحمن عم لوط بن هاران بن تارح، وكان إبراهيم ينصح قوم لوط، وكان الله قد أمهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإسلام، وانتهكوا المحارم، وأتوا الفاحشة الكبرى، فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط فينصحهم فيأبون أن يقبلوا، فكان بعد ذلك يجيء على حماره فينظر إلى سدوم، فيقول‏:‏ يا سدوم أي يوم لك من الله سدوم، إنما أنهاكم أن لا تتعرضوا لعقوبة الله، حتى بلغ الكتاب أجله، فبعث الله جبريل في نفر من الملائكة فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم وهو في زرع له يثير الأرض، فلما بلغ الماء إلى سكته من الأرض ركز مسحاته في الأرض فصلى خلفها ركعتين، فنظرت الملائكة إلى إبراهيم فقالوا‏:‏ لو كان الله يبتغي أن يتخذ خليلا لاتخذ هذا العبد خليلا، ولا يعلمون أن الله قد اتخذه خليلا‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في ذم الملاهي والشعب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله ‏{‏أتأتون الفاحشة‏}‏ قال‏:‏ أدبار الرجال‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن عمرو بن دينار في قوله ‏{‏ما سبقكم بها من أحد من العالمين‏}‏ قال‏:‏ ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال ‏"‏كان اللواط في قوم لوط، في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن طاوس‏.‏ أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها‏؟‏ قال‏:‏ إنما بدء قوم لوط ذاك، صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي، أنه قال على المنبر‏:‏ سلوني‏.‏ فقال ابن الكواء‏:‏ تؤتي النساء في أعجازهن‏؟‏ فقال علي‏:‏ سفلت سفل الله بك، ألم تسمع إلى قوله ‏{‏أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين‏}‏‏.‏

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم وثمار خارجة على ظهر الطريق، وأنهم أصابهم قحط وقلة من الثمار، فقال بعضهم لبعض‏:‏ إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش‏.‏ قالوا‏:‏ بأي شيء نمنعها‏؟‏ قالوا‏:‏ اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريبا سننتم فيه أن تنكحوه وأغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك، فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الأمر العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين‏.‏

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق محمد بن إسحق عن بعض رواة ابن عباس قال‏:‏ إنما كان بدء عمل قوم لوط أن إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي أجمل صبي رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه فنكحوه، ثم جروا على ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن حذيفة قال‏:‏ إنما حق القول على القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي وابن عساكر عن أبي حمزة قال‏:‏ قلت لمحمد بن علي‏:‏ عذب الله نساء قوم لوط بعمل رجالهم‏؟‏ قال‏:‏ الله أعدل من ذلك، استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏إنهم أناس يتطهرون‏}‏ قال‏:‏ من أدبار الرجال ومن أدبار النساء‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏{‏إنهم أناس يتطهرون‏}‏ قال‏:‏ من أدبار الرجال وأدبار النساء استهزاء بهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة ‏{‏إنهم أناس يتطهرون‏}‏ قال‏:‏ عابوهم بغير عيب، وذموهم بغير ذم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏إلا امرأته كانت من الغابرين‏}‏ قال‏:‏ من الباقين في عذاب الله ‏{‏وأمطرنا عليهم مطرا‏}‏ قال‏:‏ أمطر الله على بقايا قوم لوط حجارة من السماء فأهلكتهم‏.‏

وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن الزهري أن لوطا عذب الله قومه لحق بإبراهيم، فلم يزل معه حتى قبضه الله إليه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب في قوله ‏{‏وأمطرنا عليهم مطرا‏}‏ قال‏:‏ على أهل بواديهم وعلى رعاتهم وعلى مسافريهم، فلم ينفلت منهم أحد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب في قوله ‏{‏وأمطرنا عليهم مطرا‏}‏ قال‏:‏ الكبريت والنار‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة قال‏:‏ كان قوم لوط أربعة آلاف ألف‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لعن الله من تولى غير مواليه، ولعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كمه أعمى عن السبيل، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاث مرات‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن من أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله‏.‏ قيل من هم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجل‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه الفاعل والمفعول به‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي نضرة‏.‏ أن ابن عباس سئل ما حد اللوطي‏؟‏ قال‏:‏ ينظر أعلى بناء في القرية فيلقي منه منكسا، ثم يتبع بالحجارة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن يزيد بن قبس‏:‏ أن عليا رجم لوطيا‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن شهاب قال‏:‏ اللوطي يرجم أحصن أم لم يحصن، سنة ماضية‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن إبراهيم قال‏:‏ لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لرجم اللوطي‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قال‏:‏ علة الرجم قتلة قوم لوط‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن وإبراهيم قالا‏:‏ حد اللوطي حد الزاني، إن كان قد أحصن فالرجم وإلا فالحد‏.‏

وأخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ أول من اتهم بالأمر القبيح - يعني عمل قوم لوط - اتهم به رجل على عهد عمر رضي الله عنه، فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يجالسوه‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الوضين بن عطاء عن بعض التابعين قال‏:‏ كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى وجه الغلام الجميل‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بقية قال بعض التابعين‏:‏ ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن بن ذكوان قال‏:‏ لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صور كصور النساء، وهم أشد فتنة من العذارى‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن النجيب ابن السدي قال‏:‏ كان يقال لا يبيت الرجل في بيت مع المرد‏.‏

وأخرج البيهقي عن عبد الله بن المبارك قال‏:‏ دخل سفيان الثوري الحمام، فدخل عليه غلام صبيح فقال‏:‏ أخرجوه فإني أرى مع كل امرأة شيطانا، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانا‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي والبيهقي عن ابن سيرين قال‏:‏ ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن سهل قال‏:‏ سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف‏.‏ صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن مجاهد قال‏:‏ لو أن الذي يعمل ذلك العمل - يعني عمل قوم لوط - اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن جابر بن زيد قال‏:‏ حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏لعن الله سبعة من خلقه فوق سبع سموات، فردد لعنته على واحدة منها ثلاثا ولعن بعد كل واحدة لعنة لعنة‏.‏ قال‏:‏ ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من أتى شيئا من البهائم، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها، ملعون من عق والديه، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من تولى غير مواليه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن ماجة و الحاكم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من عمل قوم لوط فارجموا الفاعل والمفعول به‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود عن ابن عباس‏.‏ في البكر يوجد على اللوطية‏؟‏ قال‏:‏ يرجم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن عائشة ‏"‏أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم حزينا فقالت‏:‏ يا رسول الله وما الذي يحزنك‏؟‏ قال‏:‏ شيء تخوفته على أمتي أن يعملوا بعدي بعمل قوم لوط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حصين‏.‏ أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال‏:‏ أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا أربعة‏.‏ رجل قتل فقتل، أو رجل زنى بعدما أحصن، أو رجل ارتد بعد إسلامه، أو رجل عمل عمل قوم لوط‏.‏

-  الآية ‏(‏85 - 93‏)‏‏.‏

- أخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن بشر قال‏:‏ أخبرني عبيد الله بن زياد بن سمعان عن بعض من قرأ الكتب قال‏:‏ إن أهل التوراة يزعمون أن شعيبا اسمه في التوراة ميكائيل، واسمه بالسريانية جزى بن بشخر، وبالعبرانية شعيب بن بشخر بن لاوي بن يعقوب عليه السلام‏.‏

وأخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن بشر عن الشرقي بن القطامي وكان نسابة عالما بالأنساب قال‏:‏ هو ثيروب بالعبرانية، وشعيب بالعربية ابن عيفا بن يوبب بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام‏.‏ يوبب بوزن جعفر أوله مثناه تحيتة وبعد الواو موحدتان‏.‏

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ كان شعيب نبيا رسولا من بعد يوسف، وكان من خبره وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن ‏{‏وإلى مدين أخاهم شعيبا‏.‏ قال‏:‏ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره‏}‏ فكانوا مع ما كان فيهم من الشرك أهل بخس في مكايلهم وموازينهم مع كفرهم بربهم وتكذيبهم نبيهم، وكانوا قوما طغاة بغاة يجلسون على الطريق فيبخسون الناس أموالهم حتى يشترونه، وكان أول من سن ذلك هم، وكانوا إذا دخل عليهم الغريب يأخذون دراهمه ويقولون دراهمك هذه زيوف فيقطعونها ثم يشترونها منه بالبخس يعني بالنقصان، فذلك قوله ‏{‏ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها‏}‏ وكانت بلادهم بلاد ميرة يمتار الناس منهم، فكانوا يقعدون على الطريق فيصدون الناس عن شعيب يقولون‏:‏ لا تسمعوا منه فإنه كذاب يفتنكم، فذلك قوله ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ الناس إن اتبعتم شعيبا فتنكم، ثم إنهم تواعدوه فقالوا‏:‏ يا شعيب لنخرجنك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا أي إلى دين آبائنا، فقال عند ذلك ‏{‏ما أريد أن أخالفكم لي ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت‏}‏ ‏(‏هود الآية 88‏)‏ وهو الذي يعصمني ‏{‏وإليه أنيب‏}‏ يقول‏:‏ إليه أرجع‏.‏ ثم قال ‏{‏أولو كنا كارهين‏}‏ يقول‏:‏ إلى الرجعة إلى دينكم إن رجعنا إلى دينكم ‏{‏فقد افترينا على الله كذبا‏.‏‏.‏‏.‏وما يكون لنا‏}‏ يقول‏:‏ وما ينبغي لنا أن نعود فيها بعد إذ نجانا الله منها ‏{‏إلا أن يشاء الله ربنا‏}‏ فخاف العاقبة فرد المشيئة إلى الله تعالى فقال ‏{‏إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما‏}‏ ما ندري ما سبق لنا ‏{‏عليه توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‏}‏ يعني الفاصلين قال‏:‏ ابن عباس كان حليما صادقا وقورا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبا يقول ‏"‏ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، وفيما ردوا عليه وكذبوه وتواعدوه بالرجم والنفي من بلادهم‏"‏ وتواعد كبراؤهم ضعفاءهم قالوا ‏{‏لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون‏}‏ فلم ينته شعيب أن دعاهم، فلما عتوا على الله ‏{‏أخذتهم الرجفة‏}‏ وذلك أن جبريل نزل فوقف عليهم، فصاح صيحة رجفت منها الجبال والأرض فخرجت أرواحهم من أبدانهم، فذلك قوله ‏{‏فأخذتهم الرجفة‏}‏ وذلك أنهم حين سمعوا الصيحة قاموا قياما فزعوا لها، فرجفت بهم الأرض فرمتهم ميتين‏.‏

وأخرج إسحق وابن عساكر عن عكرمة والسدي قالا‏:‏ ما بعث الله نبيا مرتين إلا شعيبا‏.‏ مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة، ومرة أخرى إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله بعذاب يوم الظلة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏ولا تبخسوا الناس أشياءهم‏}‏ قال‏:‏ لا تظلموا الناس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة ‏{‏ولا تبخسوا الناس أشياءهم‏}‏ قال‏:‏ لا تظلموهم ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يوعدون من أتى شعيبا وغشيه وأراد الإسلام‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيبا كذاب، فلا يفتننكم عن دينكم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط‏}‏ قال‏:‏ طريق ‏{‏توعدون‏}‏ قال‏:‏ تخوفون الناس أن يأتوا شعيبا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ قال‏:‏ بكل سبيل حق ‏{‏وتصدون عن سبيل الله‏}‏ قال‏:‏ تصدون أهلها ‏{‏وتبغونها عوجا‏}‏ قال‏:‏ تلتمسون لها الزيغ‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ قال‏:‏ العاشر ‏{‏وتصدون عن سبيل الله‏}‏ قال‏:‏ تصدون عن الإسلام ‏{‏وتبغونها عوجا‏}‏ قال‏:‏ هلاكا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ‏{‏وتبغونها‏}‏ قال‏:‏ تبغون السبيل عوجا قال‏:‏ عن الحق‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ قال‏:‏ هم العشار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره شك أبو العالية قال‏:‏ أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته‏.‏ قال ‏"‏ما هذا يا جبريل‏؟‏ هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه، ثم تلا ‏{‏ولا تقعدوا بكل صراط توعدون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله ‏{‏وما يكون لنا أن نعود فيها‏}‏ قال‏:‏ ما ينبغي لنا أن نعود في شرككم ‏{‏بعد إذ نجانا الله إلا أن يشاء الله ربنا‏}‏ والله لا يشاء الشرك، ولكن يقول‏:‏ إلا أن يكون الله قد علم شيئا فإنه قد وسع كل شيء علما‏.‏

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن زيد بن أسلم‏:‏ أنه قال في القدرية والله ما قالوا كما قال الله ولا كما قال النبيون ولا كما قال أصحاب الجنة ولا كما قال أصحاب النار ولا كما قال أخوهم إبليس‏.‏ قال الله ‏{‏وما تشاؤون إلا أن يشاء الله‏}‏ ‏(‏الإنسان الآية 30‏)‏ وقال شعيب ‏{‏وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله‏}‏ وقال أصحاب الجنة ‏{‏الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله‏}‏ ‏(‏الأعراف الآية 43‏)‏ وقال أصحاب النار ‏{‏ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين‏}‏ ‏(‏الزمر الآية 71‏)‏ وقال إبليس ‏{‏رب بما أغويتني‏}‏ ‏(‏الحجر الآية 39‏)‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الوقف والإبتداء والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال‏:‏ ما كنت أدري ما قوله ‏{‏ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق‏}‏ حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول‏:‏ تعال أفاتحك‏:‏ يعني أقاضيك‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏ربنا افتح‏}‏ يقول‏:‏ اقض‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ الفتح‏:‏ القضاء‏.‏ لغة يمانية إذا قال أحدهم‏:‏ تعال أقاضيك القضاء قال‏:‏ تعال أفاتحك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ‏{‏كأن لم يغنوا فيها‏}‏ قال‏:‏ كأن لم يعمروا فيها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏كأن لم يغنوا فيها‏}‏ قال‏:‏ كأن لم يعيشوا فيها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏كأن لم يغنوا فيها‏}‏ يقول‏:‏ كأن لم يعيشوا فيها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة ‏{‏فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن نبي الله شعيبا أسمع قومه، وأن نبي الله صالحا أسمع قومه كما أسمع - والله - نبيكم محمد قومه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏فكيف آسى‏}‏ قال‏:‏ أحزن‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن مبلة بن عبد الله قال‏:‏ بعث الله جبريل إلى أهل مدين شطر الليل ليأفكهم بمغانيهم، فألفى رجلا قائما يتلو كتاب الله، فهاله أن يهلكه فيمن يهلك، فرجع إلى المعراج فقال‏:‏ اللهم أنت سبوح قدوس بعثتني إلى مدين لأفك مدائنهم فأصبت رجلا قائما يتلوا كتاب الله، فأوحى الله‏:‏ ما أعرفني به هو فلان بن فلان، فابدأ به فإنه لم يدفع عن محارمي إلا موادعا‏.‏

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس‏.‏ أن شعيبا كان يقرأ من الكتب التي كان الله أنزلها على إبراهيم عليه السلام‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما، قبر إسمعيل وشعيب‏.‏ فقبر إسمعيل في الحجر، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه‏.‏ أن شعيبا مات بمكة ومن معه من المؤمنين فقبورهم في غربي الكعبة، بين دار الندوة وبين باب بني سهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن مالك بن أنس قال‏:‏ كان شعيب خطيب الأنبياء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحق قال‏:‏ ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر شعيبا قال‏:‏ ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، فيما يرادهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلاده وعتوا على الله، أخذهم عذاب يوم الظلة، فبلغني أن رجلا من أهل مدين يقال له عمرو بن حلها ألما رآها قال‏:‏

يا قوم إن شعيبا مرسل فذروا * عنكم سميرا وعمران بن شداد

إني أرى عينة يا قوم قد طلعت * تدعو بصوت على صمانة الواد

وإنه لا يروي فيه ضحى غد * إلا الرحيم يحشى بين أنجاد

وسمير وعمران كاهناهم، والرقيم كلبهم‏"‏‏.‏